الخميس، 16 يوليو 2009

البريد الإلكتروني ما بين الماضي والحاضر

في بداية دخول الإنترنت عالمنا العربي كان أول ما قام به المستخدم هو عمل بريد إلكتروني خاص به في أحد الخدمات المجانية على شبكة الإنترنت والتي كانت آنذاك تعد على الأصابع، ومن أشهر الخدمات التي لاقت رواجا ليومنا هذا هي خدمة بريد هوتميل Hotmail من شركة مايكروسوفت، مع ما تعانيه هذه الخدمة من مشاكل أمنية وتقنية، كما وأن أول درس يعطى في أبجديات التعامل مع الإنترنت لأي مستخدم عربي جديد هو عمل بريد إلكتروني له في تلك الخدمة.ومن المدهش فعلا أن الكثير ممن تعرفوا على الإنترنت في بدايات ظهوره ليومنا هذا مازال يستخدم بريد الهوتميل! لا نعلم هل هو عملا بالمثل العربي أنما الحب للحبيب الأول؟ أم هو الخوف من تغيير عنوان البريد الإلكتروني وما يلحقه من تبعات؟!وعودة لصلب الموضوع، البريد الإلكتروني في وقتنا الحالي قد غير كثيرا الطريقة التي نتعامل بها مع الانترنت، فلم يعد البريد الإلكتروني اليوم وسيلة للتراسل فقط، بل أصبح أيضا مخزنا لتخزين الملفات وبرنامج للتذكير بالمواعيد وتنظيم المهام والأرشفة.ففي السابق حينما كانت السعة لا تتعدى الواحد ميجابايت، كنا نضطر لاستخدام برامج على أجهزتنا لسحب البريد الإلكتروني من المزود بواسطة بروتوكول (POP3) وذلك حتى نوفر مساحة بريدنا، ومن أشهر البرامج المستخدمة لعمل ذلك هو برنامج الاوتلوك Outlook Express والذي يأتي مع حزمة الأوفس أو برنامج IncrediMail بما فيه من خصائص عديمة الفائدة.وكنا نضطر في كل مرة نريد إعادة تهيئة أجهزتنا أو شراء جهاز جديد، القيام بعمل نسخة احتياطية من صندوق الصادر والوارد على مجموعة من الأقراص الضوئية، ومن المضحك فعلا أنه إلى يومنا هذا لم نعمل ولا مرة على الرجوع لهذه الأقراص للبحث عن رسائلنا القديمة! فلماذا أصلا قمنا بهذا العمل؟عموماً، ما إن بدأت سياسة مزودي خدمة البريد بإغلاق بروتوكول POP3 وجعلها خدمة مدفوعة إلا وبدأ الزحف للبحث عن خدمات بريدية تقدم سعات أكبر أو حذف البريد القديم وغير المهم من صندوق الوارد.وهكذا مررنا بفترة نستعين بها بخدمة البريد الإلكتروني المستضاف على الويب (webmail) بحكمة وحذر حتى لا نصل للحد المسموح به من السعة ونخسر بذلك كل بريد جديد مرسل إلينا، بالطبع هذا قبل أن يصبح 90بالمائة من البريد الوارد بريداً مزعجاً (سبام).ثم جاء الفرج، بعد أن دخلت شركة قوقل مضمار البريد الإلكتروني بكل ما تقدمه من خدمات مجانية، وبدأت الميجابايتات تتحول لقيقابايتات وأصبح كابوس امتلاء البريد الإلكتروني ضربا من الماضي، تبعتها غريمتها شركة ياهو وبالطبع كان آخر اللاحقين بريد الهوتميل، ومازلنا نذكر قبل مدة كيف كانت المنتديات تتناقل حيلاً لزيادة سعة بريد الهوتميل قبل أن تتكرم شركة مايكروسوفت بعمل ذلك طواعية لجميع مستخدميها، ولسان الحال يقول لماذا كل هذا التعلق بهذا المزود البريدي بالذات؟ وكأنه لم يوجد في هذا "البلد إلا هالولد" - مثل شعبي قديم.لقد استطاعت قوقل وفي وقت قصير أن تكسب ثقة معظم مستخدمي الإنترنت وتستقطب الجيل الجديد من المستخدمين العرب الذين يودون عمل بريد إلكتروني في أول درس لهم على الشبكة العنكبوتية، فهل سنعتبر بريد قوقل طفرة بريدية أخرى للمستخدم العربي؟كما أن ثمة تساؤلات أخرى أكثر عمقا وأبعد نظرة، خصوصا بعد تداول بعض مواقع الأخبار فقدان عدد من مستخدمي بريد قوقل لرسائلهم المؤرشفة، مما يجعلنا نفكر إلى متى ستبقى هذه الخدمات صامدة؟ وماذا يحدث لو انقلبت سياسة هذه الشركات يوما ما وساومتنا على بريدنا؟ ماذا سنفعل؟ الحل برأينا أن تكون هذه الخدمات طرفاً ناقلاص وليس مركزاً للتخزين، وذلك مع هبوط أسعار وسائل التخزين الدائمة، وكأننا بذلك نرجع مرة أخرى لبداية موضوعنا، أليس كذلك؟ مجمل القول، أنت من يقرر أين وكيف تخزن بريدك الإلكتروني سواء كان على جهازك أو على شبكة الويب، فلكل خيار مزاياه ومساوئه التي لا تنتهي، فتعامل معها بحكمة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق